دوائر الماء: قصص قصيرة جدًّا
ضريبة المرض
همس المريض في أُذن الطبيب: كرِهتُ المرض؛ لأنني أعيد الحكاية نفسَها للزوّار المتناوبين.
الحكم
حكَم عليه القاضي بالسجن.. فصرَخ في وجهه: لا، لا… ليس لدي الوقتُ الكافي لإضاعته.
القمر
كل الأطفال منشغِلون باللعب، إلا عمرَ كان ينظر – باستغراب – إلى القمرِ.. رأى في النظرة الأولى ذئبًا فتبسَّم.. وفي الثانية معلِّمَته، فشرَع يجري مسرعًا نحو البيت.
درس لغوي
أنهى المعلمُ حصة الدرس اللغوي المخصصة لـ: “كان وأخواتها”، فقال – كعادته -: هل من سؤال؟ ردت جماعةُ الفصل بتلقائية: هل سندرُس باقي أفراد عائلة “كان” في الحصة المقبلة؟
سبورة
بينما أستاذ العربية منهمكٌ في مسح السبورة المهترئة، كان تلميذٌ في الصف الخلفي يقول لزميله: ما أكثَرَ الكلمات التي تتساقطُ من السبورة على الأرض! ثم راح يناجي ذاته عن النصوص التي تجمَّعت على الأرض طوال هذه السنين من التدريس، وتذكَّر تناوب الأساتذة على هذه السبورة، فخطر بباله حوارُ النصوص العربية مع الفرنسية والإنجليزية، ودروس التربية الإسلامية ومعادلات الرياضيات… غير أن الأستاذ باغته بسؤال أفزعه: ما الإبداعُ يا علي؟ أجاب متلعثمًا: الإبداع كلماتٌ متساقطة.. ثم انفجر القِسم مُقهقهًا.
دفاع
تزايد طلبُه على الخروج إلى المرحاض وقت الدروس؛ لأنه كان يكتب، مدافعًا، عن انتمائه لفريقه الرياضي على الجدار الداخلي للمرحاض مع مجهولٍ أبى إلا أن يستفزَّه باستمرار.
تفاحة نيوتن
في الطريق إلى المقهى أثارتني ورقةٌ تلعب بها الريح في كل جانب.. تذكرت قول عبدالمعطي حجازي: وريقة في الريح/ دارت ثم حطت/ ثم ضاعت في الدروب، قادني الفضول إلى إمساكها.. فقرأتُ عليها عبارة مكتوبة بخط غليظ: سقطت التفاحة على نيوتن فاكتشف الجاذبية.. ضحكتُ من الورقة التي تتحدى الجاذبية، وقلتُ في نفسي: يسقط ملايين القتلى في الوطن العربي ولا نكتشف أيَّ شيء، ثم انتابني حزن عميق!
إحسان
مرةً أخرى، ينهض في الصباح الباكر للبحث عن أيِّ عمل.. اعترَض مسيرَه شيخٌ متسوِّل، أدخَل يده في جيبه ليُعطيَه بعض المال، بُهِت لأنه وجد جيبه مثقوبًا لا شيء فيه، رجَع مسرعًا إلى كوخه.. وتساءل – في الطريق – عن مآل المال الكثير الذي رآه في حُلمه..
دوائر الماء